حزب السلام والازدهار
تابع المكتب السياسي لحزب السلام والازدهار باهتمام كبير ما تردد من أنباء نُسبت إلى السيد ريتشارد نورلاند سفير الولايات المتحدة الأمريكية بليبيا والمبعوث الخاص إليها، تصريحات حول الشأن الليبي وسبل الخروج من حالة الانسداد السياسي التي تسيطر على المشهد الليبي. تمحورت التصريحات المنسوبة إلى السفير نورلاند حول إمكان إجراء الانتخابات في ليبيا بوجود حكومتين للبلاد وكذلك البحث في إمكانية إنشاء آلية للإدارة الدولية للموارد المالية للبلاد في ظل الخلافات والانقسام المعاش في هذا الصدد والذي أنتج تدهور الأوضاع الاقتصادية وتردي المستوى المعيشي لليبيين.وعلى الرغم من أن المكتب السياسي لحزب السلام والإزدهار لم يتمكن من التحقق بوجود ما يدعم هذه التصريحات من مصادر حكومية أمريكية مسؤولة مثل موقع وزارة الخارجية الأمريكية أو البيت الأبيض، وهي الجهات المعنية أساسا بالتعبير عن المواقف السياسية المعتمدة للإدارة الأمريكية تجاه الدول الأخرى، إلا أن أهمية بل وخطورة هذه التسريبات من جهة وعدم نفيها ممن نسبت إليه من جهة أخرى وتزامنها من جهة ثالثة مع زيارة السفير نورلاند إلى ليبيا يومي 28 و29 يونيو واجتماعه مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية ورئيس وأعضاء المجلس الرئاسي ووزيرة خارجية حكومة الوحدة الوطنية وكذلك رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، كل ذلك يتضمن مؤشرات تدعو للقلق والانشغال العميقين ، ويسجل حزب السلام والازدهار من خلال ذلك كله الموقف التالي:1- دعوة كل المؤسسات المحلية التشريعية والتنفيذية إلى ضرورة إدانة كل أشكال التدخل في الشأن الليبي بشكل مباشر أو غير مباشر، سواء كان عسكرياً ، أو إعلامياً، أو من خلال التمويلات المالية الأطراف الصراع المتضادة، أو التواجد العسكري داخل الحدود الليبية، أو تدخلات من سفراء الدول أو بعثاتها الدبلوماسية ، والرفض القاطع لأي مقترحات يشوبها عدم الوضوح أو تؤدي إلى مزيد من إنتقاص السيادة الوطنية والتحكم في حاضر ومستقبل الليبين وأجيالهم، أو حتى التلويح بها بغض النظر عن الدافع لها أو المصوغ لإثارتها.2- مطالبة كل الدول باحترام سيادة ليبيا ووحدة أراضيها إنسجاماً مع ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص في المادة 2 فقرة 1 منه على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع الدول الأعضاء” وفي الفقرة 7 من ذات المادة على عدم جواز التدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما” وأن مثل هذه التصريحات تتعارض مع روح وجوهر ونصوص اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية التي تنظم شؤون البعثات الدبلوماسية للدول، ولا تتيح لهم بأي صورة التدخل في الشأن الداخلي للدولة المعتمدين لديها أيا كانت درجة المبعوث الدبلوماسي أو صفته، فضلاً عن مخالفة ذلك لقرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بالحالة في ليبيا التي تؤكد جميعها على ضرورة إحترام سيادة ليبيا ووحدتها.3- إن التفكير في إقرار إجراء انتخابات عامة رئاسية كانت أو تشريعية، دون وجود حكومة واحدة تبسط سيطرتها على كافة التراب الليبي، هو قفزة خطيرة في الهواء ونكوص عن قرارات الأمم المتحدة والسياسات المعلنة للدول الكبرى المعنية بالشأن الليبي التي تؤكد بإستمرار على وحدة ليبيا ومؤسساتها التشريعية والتنفيذية والقضائية.4- إن الحديث عن إدارة دولية للموارد المالية الليبية يعيد إلى الأذهان تجارب سابقة جربت بالمنطقة ولم ينتج عنها إلا الإضرار بمصالح الدولة صاحبة الشأن ومواطنيها، بل نتج عن ذلك هدراً للموارد وإنفاقها في أوجه لا صلة لها بمصالح الدولة ومواطنيها، هذا فضلاً عما أثير بصددها من شبهات الفساد وسوء الإدارة، وبالتالي أصبحت معدومة الثقة من المواطنين ولا ضمان لعدم وقوعها في الفساد مرة أخرى إذا تكررت ظروفها، ولعلنا نتذكر تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة بشأن وجود مزاعم للرشـــــــى في حوار تونس وجنيف نهاية سنة 2020 وبداية سنة 2021 وللأسف الشديد لم تتخذ إجراءات رادعة بشأنه بل حجب نشر التقرير وفق ما أقره مجلس الأمن بالخصوص آنذاك، الأمر الذي شجع ، بغير قصد، الأطراف التي قامت بتلك التصرفات وغيرها) إلى التمادي في تلك الممارسات وبشكل واسع ومستمر أفسد بالنتيجة الوضع في ليبيا.5- إن تحقيق تطلعات الليبيين في الإستخدام الأمثل للموارد المالية لا يتحقق من خلال الإدارة الدولية للموارد المالية الليبية وإنما من خلال نموذج مختلف لإدارة الدولة في ليبيا عن ما هو سائد حالياً ليرتكز على الحكم المحلي اللامركزي وإعادة هيكلة للإقتصاد فالحكم المحلي اللامركزي بسلطات وصلاحيات تشريعية وتنفيذية واسعة يضمن توسيع دائرة المشاركة في السلطة والحكم والمسؤولية، ويتيح الفرص المتساوية أمام المواطنين للمشاركة الفاعلة في رسم السياسات ووضع الخطط والبرامج التنفيذية محليا ومتابعة تنفيذها ومسائلة المسؤولين عن أدائهم ضمن الأطر والمبادئ الدستورية العامة ويكون بذلك ضامناً للإستقرار ومحققاً لتطوير الخدمات وتحقيق التنمية المكانية المتوازنة والمستدامة مما يؤدي إلى تحسين مستوى الحياة ،والمعيشة، كما أن إعادة هيكلة الاقتصاد لتحقيق معدلات عالية من النمو الاقتصادي على أساس الاستدامة والتنوع وخلق الثروة والدفع بالاقتصاد المعرفي وتعزيز تنافسية الإقتصاد الليبي، وتغيير دور الدولة إلى التنظيم والمتابعة والتقويم وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي ليقود القطاع الخاص العمل التنفيذي في المجالات الاقتصادية المتنوعة، ذلك هو الطريق المتين نحو الدولة الديمقراطية الحديثة دولة المواطنة المتساوية في الفرص السياسية والاقتصادية.6- يدعو حزب السلام والإزدهار القوى الوطنية السياسية الفاعلة من أحزاب ونقابات ومنظمات المجتمع المدني إلى إعلاء صوتها بالرفض القاطع لمثل هذه المبادرات أو التسريبات أو حتى مجرد التلويح بها لدفع الأطراف السياسية المعنية للقبول بأوضاع معيبة، ويطالب من نسبت له هذه التسريبات بتصويب موقفه وضعا للأمور في نصابها وتأكيدا لاستمرار تمسكه بمواقفه الداعمة لوحدة ليبيا واحترام سيادتها.ختاماً فإن حزب السلام والازدهار يؤكد على أهمية الانفتاح على العالم وتأسيس الشراكات الإستراتيجية على أسس الإحترام المتبادل والمنافع المشتركة دون تفريط في وحدة ليبيا وسيادتها.دامت ليبيا حرة آمنة
صدر في 01/07/2022