شهدت الأسابيع الثلاثة الأخيرة أزمات متتالية وبوتيرة متصاعدة، حيث شهدت الأيام الأخيرة أزمة كبيرة في المصرف المركزي ترتب عليها وقف العمليات والخدمات المصرفية بجميع المصارف التجارية، تبعها إيقاف إمدادات النفط والغاز المصاحب لاستخراجه، وقد يصل إلى توقف الغاز الحر إذا ما تم إيقاف تصدير المكثفات، الأمر الذي سيؤدي إلى توقف كامل لإمدادات الغاز لمحطات توليد الكهرباء والتأثير السلبي الكبير على توليد الكهرباء وخدماتها التي تواجه تحديات كبيرة أصلا، وقد سبق ذلك أزمة انقسام حاد داخل مجلس الدولة لم يتعاف بعد من نتائجها وتداعياتها، فضلا عن الأزمة المتفاقمة بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب وما ترتب عليها من إجراءات تصعيدية متبادلة، كما شهدت الفترة المذكورة تحشيدا وتحركات مسلحة مكثفة بما في ذلك في اتجاه وبداخل العاصمة طرابلس.
برزت الأزمات المذكورة في فترة زمنية قصيرة جدا، وأنتجت توترا حادا ينذر بعواقب وخيمة تهدد الاستقرار الهش السائد في السنوات الأخيرة.
لقد سئم الليبيون الصراعات العبثية وأصابهم الإحباط الشديد، وأوشك صبرهم على النفاذ، وانعدمت الثقة لديهم وفيما بينهم، وذلك نتيجة عوامل متعددة لعل من بينها تدني أداء المؤسسات العامة وانتشار الفساد وتفاقم الصعوبات الحياتية، وتردي مستوى الحياة والمعيشة لجميع المواطنين وارتفاع مؤشرات الأسعار والفقر والبطالة والتجارب المريرة والأزمات المتفاقمة التي مرت ومازالت تمر بها البلاد ويدفع ثمنها المواطنون، وحالة الانسداد في الأفق السياسي والفشل السياسي المستمر لسنوات طويلة، مما عمق الأزمة خاصة لتكرار التفاوض بين قلة قليلة على صفقات ضيقة تتجاوز مصالح الوطن والمواطنين.
وفي ظل استمرار تصاعد الأزمات والتوترات، واستمرار حالة الإنسداد السياسي، وفي إطار الحرص على معالجة التداعيات الناتجة عن كل ما ذكر بروح وطنية مسؤولة وبحكمة وبعد نظر فإن الأحزاب الموقعة على هذا البيان تؤكد على الأتي:
- يحذر الموقعون على هذا البيان من خطورة تصعيد الأوضاع الحالية، ويؤكدون على أن حل الأزمة الليبية لن يكون بالسلاح، ولا بالتأزيم المتصاعد، ويدعون كافة الأطراف إلى ضبط النفس، وتجنب استمرار التصعيد، وتجنب التلويح باستخدام القوة والعنف والإبتعاد عن خطاب التحريض والاستفزاز، وتحكيم العقل ولغة الحوار، وتغليب مصلحة الوطن والمواطن، واتخاذ مواقف إيجابية ومسؤولة، ويجددون تأكيدهم على العمل السلمي بالأدوات السياسية المتاحة مع جميع الشركاء المحليين لبناء الاستقرار والسلام والمحافظة على الوطن وسلامة المواطن.
- تحذر الأحزاب جميع الأطراف المحلية والإقليمية والدولية وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا من آثار خطيرة، ستنجم عن استمرار التردي الراهن، وحالة البحث المستمرة عن الحلول لدى من هم أسباب المشاكل وتفاقم الأوضاع وغياب حل حقيقي للأزمة الليبية يتعامل مع أسباب الصراع ويؤسس على مقاربة واضحة لبناء الدولة ، بدلاً من المقاربة المستمرة منذ سنوات طويلة التي تعتمد على إدارة الصراع بالتوجه المتكرر لتشكيل وتقاسم السلطة بين اطراف متربصة وأخرى متشبثة.
- نتابع بقلق شديد التطورات السياسية والأمنية المتسارعة في البلاد ونشارك أبناء الشعب الليبي قلقهم العميق تجاه المآلات المحتملة للتصعيد الجاري بين الأطراف السياسية المختلفة. وإننا إذ ندعو إلى إنكار الذات وتغليب مصلحة الوطن والمواطن، فإننا نهيب بكافة الأطراف العودة إلى المسار السلمي الذي ما يزال يطمح إليه كل الليبيين، رغم خيبات آمالهم في كثير من الساسة، ومن أولوهم ثقتهم.
- إن التوتر المستمر في الأوضاع الأمنية، واستمرار حالات التحشيد المسلح، هما ناتج طبيعي عن حالة الإنسداد المستمر، وعدم حصول تقدم في الحل السياسي مما نتج عنه استمرار سلطات الأمر الواقع وغياب السلطات الشرعية المنتخبة.
- تؤكد الأحزاب والتكتلات السياسية الليبية الموقعة على هذا البيان أن الحوار السياسي الجاد والمسؤول بين كافة الأطراف الليبية والتعاون المشترك بينها سوف يمكنهم من المساهمة في إيجاد حلول تجنب المزيد من معاناة الشعب الليبي بكافة مكوناته ، وتفتح آفاقا جديدة أمام المواطنين للعيش في دولتهم بأمان وسلام وتؤكد على مشاركة المواطنين في الموافقة على أي اتفاق سياسي وطني من خلال الاستفتاء الشعبي والذي يمثل ضمانة رئيسة لتنفيذ أي اتفاق سياسي ويفتح مسارات جديدة للعيش في سلام واستقرار ورخاء.
- يذكر الموقعون على هذا البيان بموقفهم الثابت الداعي إلى حوار سياسي شامل يعالج جذور الصراع ويؤسس لدولة حديثة، وفي هذا الصدد تذكر الأحزاب الموقعة على هذا البيان أنها شاركت وعلى مدى ما يزيد عن السنتين مع عدد كبير من الأحزاب والتكتلات السياسية الليبية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والشخصيات السياسية والاجتماعية الوطنية المستقلة، في صياغة المبادرة المتعددة المسارات لحل الأزمة السياسية الليبية ومن أهم مخرجاتها وثائق أساسية تطرح للاستفتاء الشعبي ليشارك جميع الليبيين في إبداء رأيهم وتقرير مستقبلهم ليكونوا الضامن الحقيقي لتنفيذ ما يتوافقون عليه، الأمر الذي ينسجم مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالشأن الليبي التي أكدت على أن الحل في ليبيا يجب أن ينبثق من الليبيين ويقوده الليبيون تحت إشراف بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، التي نطلب منها العمل بشكل عاجل بأحكام المادة 64 من الاتفاق السياسي الليبي، والدعوة لحوار سياسي يعالج أسباب الصراع ويؤسس لبناء الدولة، لتفادي ما قد يترتب عن استمرار خخخا لتصعيد والتوتر الراهن ونذكرها بعدم اختزال القرار والحوار السياسي المتعلق بمستقبل العملية السياسية على سلطات الأمر الواقع التي ثبت فشلها التام على مدى سنوات طويلة في إخراج البلاد من حالة الانسداد والصراع إلى بناء الدولة الحديثة التي ينشدها كل الليبيين.
- لقد أصبح جليا تآكل شرعية الأجسام التشريعية والتنفيذية الحالية التي فقدت ثقة الشعب نتيجة الآداء غير المنضبط وغير المسؤول والذي تجلى في عدم الالتزام وبشكل متكرر، بالإتفاقات التي يوقعون عليها، فضلا عن تفسير تلك الإتفاقات بشكل انتقائي لتحقيق أغراض لا تتجاوز بالنتيجة استمرار وجودهم بل استدامة ذلك الوجود لأطول فترة ممكنة بغض النظر عن ما ترتب ويترتب عن ذلك من معاناة حياتية يومية تواجه عموم الشعب الليبي في مختلف مناطق ليبيا وفي مختلف أوجه الحياة الاقتصادية والمعيشية. إن ذلك الأداء الردئ والذي صاحبه وعوداً منمقة مستمرة طيلة سنوات المعاناة أدى في النتيجة إلى الانهيار المؤسساتي بشكل عام بحيث وصل التردي في مستوى الحياة والمعيشة إلى مستويات غير مسبوقة .
- ندعو كافة أبناء الشعب الليبي ونخبه وجميع الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني والنقابات والمثقفين والإعلاميين وصناع الرأي إلى حراك شعبي منظم وسلمي وحضاري وفعال ومستمر لإسماع صوت الشعب والضغط على الأجسام والشخصيات السياسية لتحمل مسؤولياتها كاملة من خلال مواقف إيجابية واضحة، حيث ثبت أن غياب الضغط الشعبي السلمي شكل انطباعاً خاطئا لدى السلطات القائمة مفاده استسلام المواطنين للوضع الراهن وهو ما أدى إلى تفاقم حالة التردي المستمر والمتسارع في حياة الليبيين ومستوى معيشتهم وعدم الاكثرات بأرواحهم و ممتلكاتهم ومستقبل أجيالهم.
- يبرز من حين لأخر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة في أوقات حدوث نزاع على إدارة الموارد المالية للدولة وآليات التصرف فيها الحديث عن إدارة دولية للموارد المالية الليبية الأمر الذي يعيد إلى الأذهان تجارب سابقة جربت خلال العقود الماضية بدول أخرى بالمنطقة ولم ينتج عنها إلا الإضرار بمصالح الدولة صاحبة الشأن ومواطنيها ، بل نتج عن ذلك هدرا للموارد وإنفاقها في أوجه لا صلة لها بمصالح الدولة ومواطنيها، هذا فضلاً عما أثير بصددها من حالات الفساد وسوء الإدارة. لذا نحذر وبحزم من أي توجه لتطبيق مثل هذه الأطروحات .
- تؤكد على ضرورة مشاركة المواطنين الليبيين في الموافقة على أي اتفاق سياسي من خلال الاستفتاء الشعبي الذي يمثل ضمانةً رئيسيةً لتعبير الشعب عن رأيه وتقرير مستقبله وضمانة رئيسيةً لتنفيذ أي اتفاق سياسي مستقبلي، الأمر الذي يعزز المواطنة المتساوية ويرسخ المشاركة بين الليبيين في المسؤولية خاصة في القضايا الأساسية المتعلقة بالخروج من أزمات الحاضر والتأسيس لبناء دولة المستقبل.
صدر بتاريخ الخميس 29 أغسطس 2024 م
الأحزاب الموقعة
1 الحزب المدني الديمقراطي
2 حزب السلام والازدهار
3 حزب التجمع الوطني الليبي
4 حزب امل ليبيا
5 حزب الميثاق الوطني
6 حزب تحالف القوى الوطنية
7 حزب ليبيا للجميع
8 الحزب الوطنى الوسطي
9 حزب شباب الغد
10 حزب نعم ليبيا
11_ حزب الاستحقاق
12 حزب الوطن
13 حزب الطليعة
14 حزب التوافق الوطني
15 حزب الدستور
16 حزب نداء القرضابية
17 حزب الإصلاح الدستوري التقدمي
18 الحزب الديمقراطي
19 حزب العمال
20 حزب صوت العمال
21 حزب التجمع الشعبي للاستقرار
22 _ حزب التيار الوطني الحر
23 حزب الإصلاح والتجديد
24 حزب النهوض الوطني
25 حزب الإجماع الوطني الديمقراطي
26 حزب لبيبا النماء
27 حزب التغيير
28 _ حزب تجمع الصف الوطني
29 حزب الدردنيل
30 الحراك الوطني الليبي
31 حزب السيادة الوطنية
32 تجمع الارادة الوطنية
33 حزب امجاد الوطن
34 حزب الشعب الحر
35 حزب النور
36 حزب ليبيا الامة ( الليبو)
37 حزب العمل الوطني
38 حزب البركة الليبي
39 حزب البلاد