بيان حول مقال سيادة النائب
د. عبد السلام نصية المنشور بتاريخ: 18-11-2024
تحت عنوان “حضرت الديمقراطية وغابت الأحزاب”
السيد النائب الدكتور عبد السلام نصية من الشخصيات السياسية القليلة التي إنتخبت وأستمرت في العمل النيابي التشريعي منذ إنتخابات المؤتمر الوطني في 07-07-2012 ثم فاز مرة أخرى في انتخابات مجلس النواب في 25-06-2014، وبالتالي لسيادة النائب نصية خبرة طويلة نسبياً ومميزة في العمل النيابي بليبيا، وخلال مسيرته الطويلة كانت له مواقف وطنية تحسب له، وهو أيضا من النواب الذين لديهم حضور إعلامي من خلال نشر المقالات والأدلاء بالتصريحات والظهور الإعلامي.
لذا كان لزاماً التوضيح والرد على ما تناوله السيد الدكتور/ نصية في مقاله المشار إليه بغرض عدم الاكتفاء بتوصيف الحال، على النحو الذي جاء عليه المقال، وإنما بمناقشة الأسباب واقتراح الحلول حتى يكون الحوار موضوعيا وإيجابياً ومنتجا خاصة مع شخصية مسؤولة، لمعالجة القصور وفيما يلي التوضيح:
- نود أن نصحح ما ذهب إليه سيادة النائب في مقاله بأن الأحزاب وتكتلاتها الحزبية لم تخض غمار تجربة الانتخابات البلدية، ونشير إلى أن عدداً من الأحزاب قد شارك وأعد قوائم أو شارك في قوائم أو دعم قوائم في الانتخابات البلدية التي جرت مؤخراً، كما دخل عدد من أعضاء الأحزاب في المنافسة الفردية بالانتخابات البلدية، ونذكر السيد النائب بأن تشريعات الانتخابات الخاصة بالبلديات الصادرة عن السلطة التشريعية لم تذكر الأحزاب مطلقا ولم تحدد نسبة للأحزاب السياسية حتى تعلن الأحزاب عن قوائمها الحزبية وأفرادها المترشحين.
- أشار السيد النائب في مقاله إلى الحضور النسائي وذوي الإعاقة الجسدية وهو نتيجة طبيعة لنظام الحصص (الكوتا) للمرأة وذوي الإعاقة، ذلك النظام لم يقره مجلس النواب لتخصيص نسبة ملزمة للأحزاب في التشريعات المنظمة للانتخابات البلدية.
- تجدر الإشارة والتذكير بأن ترسيخ وتطوير العمل السياسي الحزبي هو من المسؤوليات الرئيسية لسلطات ومؤسسات الدولة وهو ما جاء في المادة الرابعة من الإعلان الدستوري التي تنص: “تعمل الدولة على إقامة نظام سياسي ديمقراطي مبني على التعددية السياسية والحزبية، وذلك بهدف التداول السلمي الديمقراطي للسلطة“.
- إن الاكتفاء بتوصيف الوضع كما جاء في المقال (وبشكل غير دقيق) دون البحث في الأسباب لتشخيص الوضع وعلاجه، هو عمل أقرب للإثارة العامة منه للعمل الموضوعي الذي يبحث عن تطوير الحياة السياسية الليبية وتطبيق أحكام المادة الرابعة من الإعلان الدستوري، وهو ما نتوقعه من سيادة النائب. كما نذكر سيادة النائب بأن المادة (20) من قانون الأحزاب رقم (29) لسنة (2012) ألزمت أحكامها السلطتين التشريعية والتنفيذية بحسب اختصاصهما بضمان الدعم المالي للأحزاب السياسية من خلال الميزانية العامة للدولة، وتجدر الإشارة على أنه بالرغم من صدور قانون الأحزاب منذ أكثر من (12) سنة وعلى الرغم من صدور قوانين الميزانية بشكل سنوي وإقرار ترتيبات مالية في سنوات أخرى خلال الفترة المذكورة، وهو ما ترتب عليه تخصيص وإنفاق ما يقدر بحوالي تريليون دينارا ليبيا (ألف مليار دينارا ليبيا) من الميزانية العامة خلال الفترة، إلا أن السلطات التشريعية والتنفيذية المعنية لم تخصص درهما واحداً للأحزاب السياسية طيلة الفترة وهي بذلك لم تلتزم بتطبيق أحكام المادة 20 من قانون تنظيم الأحزاب السياسية الليبية المشار إليه وأحكام المادة الرابعة من الإعلان الدستوري .
- ينتقد سيادة النائب في مقاله ضعف تأثير الأحزاب في المجتمع وضعف أدائها، وكان قد ردد ذلك في تصريحات صحفية سابقة، ويبدو أنه لم ينتبه إلى مسؤولية وواجبات مجلس النواب في تعزيز دور الأحزاب السياسية وفق أحكام المادة الرابعة من الإعلان الدستوري .
- إن الحياة الحزبية حديثة في ليبيا حيث لم تُكن هناك حياة حزبية منذ الاستقلال، فقد تم تجميد عمل الأحزاب منذ الأسابيع الأولى بعد الاستقلال مباشرة، ثم حلت الأحزاب، وتم تجريمها وتخوين عملها في مراحل لاحقة، ولم ترجع الأحزاب في ليبيا إلا بعد صدور القانون رقم (29) لسنة (2012) تأسيسا على أحكام المادة الرابعة من الإعلان الدستوري المشار إليها سلفاً.
- لعل من أسباب ضعف أداء وتأثير الأحزاب السياسية الليبية هو تجميد التداول السلمي على السلطة والانتخابات في ليبيا، والتي لا يخفى على أي متابع محايد، مدى مسؤولية كافة السلطات التشريعية والتنفيذية القائمة على ذلك الوضع واستمراره.
- مما تقدم يتضح أن لمجلس النواب الكثير من العمل الجاد للقيام به من واجبات لتنفيذ أحكام المادة الرابعة من الإعلان الدستوري وتنفيذ أحكام قانون تنظيم الأحزاب السياسية المشار إليهما، وهو ما يمكن توقعه من السادة أعضاء البرلمان، وعدم اكتفائهم بوصف الحال الذي قد يرجع جزء كبير منه لمحصلة عدم قيام السلطات التشريعية والتنفيذية بواجباتها وفق ما أوضحنا.
- نثمن اهتمام النائب الدكتور/ عبد السلام نصية بالأحزاب السياسية، ونأمل أن يسهم بصفته ومكانته في دعم العمل السياسي الحزبي، لكي يصل إلى مستوى الطموحات والتوقعات، وندعوه وزملائه للانفتاح بشكل أكبر على الأحزاب السياسية من خلال مشاركتها في بحث و مناقشة القضايا التي تهم حاضر ومستقبل ليبيا وأجيالها، ومشروعات القوانين قبل صدورها، والتفاعل الإيجابي مع ما طرحته الأحزاب من مشروعات للقوانين ( تجاوز عددهم خمسة مشروعات للقوانين) كانت سلمت في مناسبات سابقة للسيد رئيس مجلس النواب خلال السنتين الماضيتين ولكنها لم تحظ بأي مناقشة في المجلس حتى الآن.
- نؤكد أن الأحزاب هي نواة الحياة السياسية وأن بنائها وتنميتها هي مسؤولية جماعية خاصة وانها تعمل في بيئة غير محابية للحالة الحزبية، لعوامل متعددة من بينها غياب الإرث التاريخي والوعي الجمعي بدورها وأهميتها والنظرة السلبية لها وتوجسات السلطة وأدواتها الأمنية منها، مما يجعل بناء وتنمية الحالة الحزبية في ليبيا مسؤولية جماعية تقودها السلطات الرسمية بشكل إيجابي .