بمناسبة الذكرى الرابعة عشرة لثورة السابع عشر من فبراير 2011، يتقدم حزب السلام والازدهار بأسمى آيات التهاني إلى الشعب الليبي، مستذكرًا تلك اللحظة التاريخية التي انتفض فيها الليبيون، مطالبين بالحرية والكرامة وإقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة، تليق بتضحياتهم وآمالهم في مستقبل أكثر ازدهارًا واستقرارًا.
وفي هذه المناسبة، نستحضر المسار الذي سلكته ليبيا خلال السنوات الماضية، حيث واجهت البلاد تحديات سياسية وأمنية كبرى أعاقت تحقيق الاستقرار المنشود. فقد أفرزت الانقسامات الداخلية، والتدخلات الخارجية، والتوترات الأمنية واقعًا صعبًا، انعكس بشكل مباشر على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وفاقم من معاناة المواطن الليبي الذي يتطلع إلى حياة كريمة تليق بتضحياته.
إننا نؤمن بأن الحل الحقيقي للأزمة الليبية يكمن في التوافق الوطني والإرادة السياسية الصادقة، بعيدًا عن المصالح الضيقة، وبما يضمن حقوق الجميع. وفي هذا الإطار، نثمن كل المبادرات الهادفة إلى تحقيق الاستقرار، واهمها المبادرة متعددة المسارات، التي تسعى إلى إيجاد حلول متوازنة تأخذ بعين الاعتبار مختلف القضايا العالقة.
نرحب وندعم تشكيل اللجنة الاستشارية، باعتبارها خطوة نحو توافق وطني يساهم في تجاوز حالة الجمود السياسي، ويفتح الطريق أمام الاستحقاقات الدستورية والانتخابات، وصولًا إلى استقرار دائم.
إن الخروج من الأزمة الراهنة يستوجب المصالحة الوطنية الحقيقية، من خلال مسارات العدالة الانتقالية وجبر الضرر، بما يضمن طي صفحة الماضي والانطلاق نحو مستقبل جديد. كما أن دعم المسار الدستوري، وتوحيد المؤسسات، وإعادة هيكلة الاقتصاد، وتنويع مصادر الدخل، وضمان إدارة ذات كفاءة لعوائد الموارد الطبيعية وعدالة الفرص الاقتصادية والسياسية، كلها عوامل أساسية لبناء الدولة الحديثة المنشودة، وتأمين العيش الكريم لكل مواطن ليبي.
وإذ نجدد تأكيدنا على ضرورة تعزيز السيادة الوطنية،واستعادة القرار الليبي لليبيين، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة تكرّس مبدأ التداول السلمي للسلطة وفق دستور متوافق عليه، فإننا ندعو إلى التركيز على بناء الدولة على أسس التحديث والتطوير ، وتحفيز الاستثمار، وخلق فرص عمل للشباب، وبنية تحتية متطورة تواكب تطلعات الليبيين في التنمية والتقدم.
إن ليبيا تمتلك المقومات اللازمة للنجاح، لكن تحقيق ذلك لن يكون ممكنًا إلا من خلال وحدة الصف ونبذ الانقسامات، والعمل المشترك من أجل بناء دولة حديثة يسودها القانون، وتُحترم فيها الحقوق والحريات والمواطنة المتساوية، ويتحقق فيها العدل والتنمية المستدامة.
وفي هذه الذكرى ووفاء لكل التضحيات، يجدد حزب السلام والازدهار دعوته إلى جميع الأطراف الليبية لتجاوز الخلافات الضيقة، وتوحيد الجهود من أجل بناء ليبيا الحديثة، التي تحترم حقوق مواطنيها، وتوفر لهم سبل العيش الكريم. إن بلادنا تمتلك قدرات بشرية مميزة وثروات طبيعية وفيرة تؤهلها لأن تكون نموذجًا للاستقرار والتنمية، لكن ذلك لن يتحقق إلا بتكاتف أبنائها وإعلاء مصلحة الوطن فوق أي اعتبار.
عاشت ليبيا حرة، آمنة، ومزدهرة