ونحن نحتفل بحلول الذكرى الرابعة عشرة لثورة السابع عشر من فبراير التي نادت بالعدالة والمواطنة المتساوية في الحقوق، ودولة القانون والمؤسسات تحت راية الاستقلال التي ارتضاها الآباء المؤسسين. إلا أننا وأمام حالة الفوضى والانقسام التي تعيشها البلاد اليوم وفي ظل الغياب الفعلي لسلطات الدولة، وغياب الالتزام الصارم بتنفيذ تشريعاتها والتراجع المستمر في هيبة وفاعلية مؤسساتها، حتى أصبحنا أمام واقع يتلاشى فيه مفهوم الدولة ويخبو فيه وهج قيم الوحدة الوطنية، ويئن فيه المواطن تحت وطأة الانتهاكات والتجاوزات الخطيرة حتى في أبسط حقوق المواطنة ومن بين ذلك الحق في التعبير عن فرحتهم بعيد الثورة. كل هذه التجاوزات تهدد المجتمع الليبي كيانا ودولة بشبح التقسيم والتشتت بل والتصادم والاقتتال.
إن ما حدث خلال الأيام الأخيرة اثناء الاحتفالات بذكرى ثورة 17 فبراير المجيدة، من اعتداء فئة من المحسوبين رسمياً على وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية على مواطنين مدنيين وترويعهم، والمساس برمز ثقافي معتبر عند الليبيين عموما وطيف أصيل من النسيج الاجتماعي الليبي خصوصا (العلم الثقافي الأمازيغي)، الذي هو جزء من الاعتزاز بالهوية الليبية الجامعة. ونشر ذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بقصد الازدراء وبشكل عنصري، هو حدث مؤسف ويمس بشكل خطير بالسلم الأهلي الليبي، ومن هنا يتوجب التحرك السريع من قبل المجلس الرئاسي والحكومة باتخاذ إجراءات حاسمة لتلافي آثاره السلبية ومنع تكراره، وخاصة عندما يحدث أمام جهة مسؤولة على ضبط الأمن ومهمتها منع مثل هذه الأفعال المشينة. إن تقاعس السلطة المسؤولة والمتمثلة في المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية ووزارة الداخلية بهذه الحكومة في القيام بمسؤولياتها تجاه هذه الجريمة القانونية والاجتماعية النكراء، خاصة وأنها لم تكن المرة الأولى، من شأنه تعقيد المشهد وزيادة الاحتقان وإلحاق ضرر جسيم بالنسيج الاجتماعي الليبي، ومحاولة لضرب الهوية الليبية الجامعة وتشتيتها.
وبناء على ذلك تطالب تنسيقية الأحزاب والتكتلات السياسية الليبية بما يلي:
- إن الهوية الليبية جامعة لكل مكونات المجتمع بتنوعها، ويعد موروثها التاريخي الحضاري والثقافي واللغوي والاجتماعي المتعدد رصيداً مشتركاً لكل الليبيين يجب الاعتزاز به والمحافظة عليه .
- ضرورة التحقيق في الواقعة وتقديم المسؤولين عن هذه الأفعال إلى العدالة ومعاقبتهم بما تنص عليه التشريعات الليبية النافذة.
- من حق كل مكوّن ثقافي الاعتزاز بخصوصيته والتعبير عن ثوابت هويته بعيدا عن أي توجهات عنصرية أو ميز عرقي يؤدي إلى تفتيت المجتمع، ويضر بانضوائه تحت راية وطنية موحدة.
- إصدار اعتذار رسمي من حكومة الوحدة الوطنية ووزارة الداخلية لكافة المواطنين الليبيين وبشكل خاص للمكون الامازيغي الليبي عما حدث والتعهد بمعاقبة من ارتكبوا هذه الجريمة في حق كل الليبيين وهويتهم الجامعة.
- اتخاذ كل التدابير اللازمة من أجل ضمان احترام التنوع الثقافي والعمل على ترسيخ الهوية الليبية الجامعة لكل المواطنين الليبيين، وتشمل الاعتزاز بالرموز الثقافية والعادات والتقاليد، سواء في وسائل الإعلام أو في الخطاب الرسمي، وترسيخها بكافة المؤسسات ولدى جميع المسؤولين في الدولة الليبية.
- تنبيه السلطة الحاكمة ممثلة في المجلس الرئاسي والحكومة رسمياً ولكل مؤسساتها التابعة لها وعلى رأسها المؤسسات الأمنية والمعنية بالشؤون الدينية (الأوقاف)، بأن المواطنة المتساوية حق أصيل لجميع المواطنين الليبيين، وصمام أمان للسلم بالمجتمع الليبي دون تمييز بسبب الفكر، أو العرق أو الجنس أو اللون أو المذهب أو اللغة أو الانتماء السياسي أو الاجتماعي، ويجرم من يعبث بهذه الحقوق الأساسية.
عاشت ليبيا واحدة لكل الليبيين وعاشت هويتها الليبية الجامعة.
صدر بتاريخ 23 فبراير 2025م
الأحزاب الموقعة
- حزب ليبيا الامة الليبو
- حزب تحالف القوى الوطنية
- حزب الحركة الوطنية
- الحزب المدني الديمقراطي
- حزب السلام والازدهار
- حزب ليبيا للجميع
- الحزب الاتحادي الوطني
- الحزب الوطني الوسطي
- حزب شباب الغد
- تجمع الإرادة الوطنية