إعداد
أ. ملاك محمود بن جابر – مستشارة الصحة النفسية
23/01/2025
المحتويات
- كلمة افتتاحية
- مقدمة
- تعريف الصحة النفسية وفق منظمة الصحة العالمية
- مرجعيات السياسة
- مرجعية حزب السلام والازدهار في مقترح السياسة
- مرجعية السياسة وفق قانون الصحة النفسية الليبي
- مفاهيم مركزية للسياسة
- أهداف السياسة
- سياق السياسة
- المحاور الأساسية لمقترح سياسة الصحة النفسية
- أثر سياسة الصحة النفسية وتداعياتها المستقبلية
- توصيات السياسة
- المراجع
- مصطلحات وتعريفات
كلمة افتتاحية
تستعرض سياسة الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي أسس تطوير كل ما يخص مصلحة المواطن من حيث التعافي والتمكين وتوفير الرفاه النفسي والمجتمعي. وتسعى هذه السياسة إلى تقديم إطار عادل وشامل للتفكير في مجال الصحة النفسية، وخطواتٍ لتحديث وإصلاح ما يتعلق بها بما يدعم العملية التعليمية والتطبيقية ويكفل توفير خدماتٍ لائقة للمواطن الليبي.
أ. مالك محمود بن جابر
مستشارة الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي
البريد: malak@jbgweb.net
مقدمة
تستند هذه السياسة إلى ما يسعى إليه الحزب وما عبّر عنه في برنامجه العام، باعتماد بناء دولة المستقبل المشترك هدفًا مركزيًا يتطلب مشاركة جميع الليبيين وإسهام كل الفاعلين من اقتصاديين واجتماعيين وسياسيين ورجال أعمال ومنظمات مجتمع مدني والإعلاميين وصنّاع الرأي. ويكون ذلك عبر توجيه الرؤية وتحديد الأهداف وتنسيق السياسات وتطبيق البرامج وبدء المشاريع ضمن آجال واضحة وتنفيذٍ مؤكد ومتابعة دقيقة، وصولًا إلى تكوين الإنسان المنتمي إلى تاريخه والمتطلع إلى صناعة مستقبل السلام والازدهار.
تعريف الصحة النفسية وفق منظمة الصحة العالمية
“الصحة النفسية هي حالة من الرفاه النفسي تمكّن الشخص من مواجهة ضغوط الحياة، وتحقيق إمكاناته، والتعلّم والعمل بشكل جيد، والمساهمة في مجتمعه المحلي. وهي جزء لا يتجزأ من الصحة والرفاه اللذين يدعمان قدراتنا الفردية والجماعية على اتخاذ القرارات وإقامة العلاقات وتشكيل العالم الذي نعيش فيه. والصحة النفسية حق أساسي من حقوق الإنسان، وهي حاسمة الأهمية للتنمية الشخصية والمجتمعية والاقتصادية الاجتماعية.
لا تقتصر الصحة النفسية على غياب الاضطرابات النفسية؛ فهي جزء من سلسلة متصلة معقّدة تختلف من شخص إلى آخر، وتتسم بدرجات متفاوتة من الصعوبة والضيق وبحصائل اجتماعية وسريرية قد تكون مختلفة للغاية. وتشمل اعتلالات الصحة النفسية الاضطراباتَ النفسية وحالات الإعاقة النفسية الاجتماعية، فضلًا عن الحالات النفسية الأخرى المرتبطة بالضيق الشديد أو ضعف الأداء أو خطر إيذاء النفس. ومن المرجّح أن يعاني الأشخاص المصابون باعتلالات الصحة النفسية من تدني مستويات الرفاه النفسي، ولكن لا يحدث هذا دائمًا أو بالضرورة.”
مرجعيات السياسة
1) مرجعية حزب السلام والازدهار في مقترح السياسة
يضع حزب السلام والازدهار الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي ضمن أولويات عمله، وذلك وفق الإطار الآتي:
- تنمية المجتمع: تعزيز التنمية المجتمعية ورفع مستوى الوعي في المجالات الفكرية والعلمية والسياسية والاجتماعية.
- تطوير الأطر والبرامج الصحية: تطوير وتفعيل برامج الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي التي تعزز الصمود والتعافي من آثار المصاعب الحياتية والظلم والقصور المؤسسي بما في ذلك آثار الحروب.
- التعامل مع تداعيات الحروب: مواجهة التأثيرات السلبية للصراعات على الصحة النفسية عبر برامج متخصصة لإعادة التأهيل والدعم النفسي.
تتوافق هذه السياسة مع النداءات الحديثة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة بشأن إصلاح منظومة الصحة النفسية من حيث المضمون والمنظور والتطبيق، وبالتوجه نحو تدخلات داعمة للتعافي النفسي‑الاجتماعي وتعزيز خطابٍ مجتمعي قائم على الموارد المحلية والاجتماعية والهُوِيّاتية.
2) مرجعية السياسة وفق قانون الصحة النفسية الليبي (Mental Health Act) المتناغم مع سياسات وتوجيهات منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة
أولًا – مراجعة التشريعات ذات الصلة بالخدمات والتعليم والحقوق والمجتمع، على أن تكون متمركزة حول الإنسان وتعافيه، ومُؤسَّسة على المبادئ الآتية:
- المساواة وعدم التمييز.
- الشخصية والأهلية القانونية.
- الموافقة المستنيرة والقضاء على الممارسات القسرية.
- سهولة الوصول إلى خدمات صحة نفسية جيدة.
- توفير الخدمات في المجتمع.
- المشاركة الكاملة والفعالة في القرارات العامة.
- المساءلة.
- إصلاحات قطاعية شاملة.
ثانيًا – تطوير التشريعات القائمة على الحقوق:
- إشراك ذوي الخبرة الحياتية والمنظمات التي تمثلهم.
- فهم الإطار القانوني الدولي لحقوق الإنسان بما لا يتعارض مع التشريعات المحلية.
- إجراء مراجعة موضوعية وشاملة للتشريعات ذات الصلة بالصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي.
- تقييم المخاطر والعوائق أمام رعاية قائمة على الحقوق.
- مناقشة وصياغة مقترحات تشريعية حديثة للصحة النفسية.
مفاهيم مركزية للسياسة
تتماشى هذه السياسة مع مضامين ومبادئ حزب السلام والازدهار في المواطنة والتنمية والازدهار:
أولًا – المواطنة
- حق كل شخص في الوصول إلى الخدمات المناسبة.
- حق كل شخص في تلقي الخدمة وفق ضوابط ومعايير معتمدة.
- مشاركة جميع الفئات المجتمعية في صياغة التشريعات والقوانين ذات الصلة بالصحة النفسية.
ثانيًا – التنمية
4. مواكبة آخر التطورات في نطاق عمل السياسة بما يتناسب مع السياق المحلي.
5. تطوير وتعزيز دور العاملين في المجال والمهن الداعمة له.
6. التكامل وتوثيق صِلات العمل بين الأجسام والمؤسسات لتفعيل المنظور النفسي‑الاجتماعي.
ثالثًا – الازدهار
7. تعزيز القدرات والقيم النفسية الاجتماعية من خلال مفهوم الهوية.
8. الاهتمام بالرعاية النفسية الداعمة للحفاظ على الترابط والنسيج الاجتماعي.
9. استرجاع الثقة في مسار التعافي باستخدام الموارد المحلية أولًا والاستئناس بالخبرات العالمية ثانيًا.
10. إطلاق سياسة تتماشى مع مصلحة المواطن في الصحة النفسية، تُعزَّز بإقرار قانون للصحة النفسية وما يتبعه من تشريعات وقرارات وإجراءات تنفيذية.
أهداف السياسة
- إصلاح نظام الصحة النفسية: وضع تشريعات وسياسات متكاملة للصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي بما يتوافق مع المعايير الدولية وأفضل الممارسات.
- تعزيز الكوادر الصحية: توسيع القوى العاملة في قطاع الصحة النفسية (أطباء نفسيون، صيادلة، تمريض نفسي، أخصائيون اجتماعيون ونفسيون…).
- التدريب والتطوير المهني: إدماج التدريب على أحدث الأساليب، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي مع مراعاة مخاطره في التشخيص والعلاج.
- الإدماج التعليمي: تضمين مفاهيم الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في جميع مراحل التعليم.
- رفع الوعي المجتمعي: إطلاق حملات إعلامية لإزالة الوصمة وتعزيز الفهم المجتمعي.
سياق السياسة
تزايدت الحاجة إلى استقرارٍ نفسي‑اجتماعي تشرف عليه الحكومة وتقوده بمشاركة جميع الأطراف من مؤسسات حكومية ومجتمعية، نظرًا إلى تفاقم الأزمات النفسية الاجتماعية لدى عددٍ متزايد من أفراد المجتمع الليبي خلال أكثر من عقدٍ من الصراعات والحروب. وقد أدت هذه الأوضاع إلى ضغوطٍ كبيرة وشعورٍ باليأس وانتشار مشكلات نفسية تتطلب استجابة عاجلة، في ظل بنيةٍ تحتية قاصرة عن تلبية الاحتياجات، ما يستدعي سياساتٍ جديدة لتعزيز الدعم النفسي الاجتماعي.
المحاور الأساسية لمقترح سياسة الصحة النفسية
1) الإدارة
- إنشاء كيانٍ مستقل للصحة النفسية يتمتع بالشخصية الاعتبارية والذمة المالية والإدارية، وله السلطة التنظيمية والرقابية على أنشطة الصحة النفسية، ويدعم تقديم الخدمات بصورة فعالة ومستدامة وذات جودة.
- تعزيز التواصل وتبادل المعلومات وتنسيق الأعمال بين الكيان المنشأ ووزارة الصحة (وإداراتها المعنية) ومراكز البحوث والاستشارات ذات الصلة.
2) التشريعات
- وضع تشريعات خاصة بالصحة النفسية ومعالجة الإدمان.
- تشكيل نقابة مهنية تمنح تراخيص وإذن مزاولة للمشتغلين في الطب النفسي والمهن الداعمة (تمريض نفسي، أخصائي/مرشد/معالج نفسي، أخصائي اجتماعي…).
3) التمويل
- تخصيص موازنات كافية لدعم برامج الصحة النفسية عبر الجهات المعنية وفي جميع مستويات الخدمة الصحية، وألا تُحصر الميزانيات في مستشفيات الصحة النفسية فقط.
4) الموارد البشرية
- تحديث الهيكل والوصوف الوظيفية والاختصاصات بما يتوافق مع احتياجات الخدمة.
- الحصول على الاعتماد الأكاديمي/التطبيقي لتخصص علم النفس ودمجه في خدمات الصحة النفسية.
- تحديث مناهج علم النفس في الجامعات، واستحداث اختصاصات مطلوبة.
- جعل مادة الطب النفسي من متطلبات النجاح في الامتحان السريري والشفوي.
- تدريب الأطباء بعد التخرج وبرامج بناء القدرات المستمر لجميع العاملين.
- تطوير مهارات التمريض السريري.
- رفع أعداد وكفاءات الأخصائيين في المجالات ذات الصلة بالدعم النفسي الاجتماعي.
5) تنسيق خدمات الصحة النفسية
- الرعاية المجتمعية: تثقيف وتوعية ضمن نشاطات المؤسسات والمراكز والمنظمات المحلية.
- الرعاية الصحية: دمج أقسام الصحة النفسية في خدمات الرعاية الأولية بالمستشفيات والمراكز الصحية والعيادات.
مقومات أساسية تضمنها السياسة
- القيادة والحوكمة: اعتماد سياسة وطنية للصحة النفسية تُعلي من الحقوق والتعافي.
- سن وتفعيل قانون للصحة النفسية:
- إقرار قانون يحمي المعرضين للاضطرابات النفسية ويؤكد الحاجة إليه.
- تطوير الخدمات عبر وزارة الصحة والجهات ذات العلاقة:
- خدمات مجتمعية للتمكين الاجتماعي والنفسي والمهني.
- وحدات متخصصة للتعامل مع الحالات الحادة في المستشفيات العامة تغطي مختلف المناطق.
- خدمات متخصصة للأطفال واليافعين.
- تطوير خدمات علاج وتأهيل مرضى الإدمان.
- تنمية وتأهيل الموارد البشرية:
- توفير الكوادر اللازمة وتطويرها.
- تعزيز برامج الوقاية والتثقيف المجتمعي.
- تطوير نظام المعلومات وبناء قاعدة بيانات وطنية:
- إعداد قاعدة بيانات إحصائية شاملة للصحة النفسية بوزارة الصحة.
التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في الخدمة النفسية
- الاستشارات الذكية: توفير منصات استشارية تفاعلية تعتمد تقنيات الذكاء الاصطناعي لتقديم الدعم النفسي مع ضمانات الخصوصية والأمان.
- التدريب على التقنيات الحديثة: تمكين الأطباء والأخصائيين من استخدام الأدوات الرقمية لرفع كفاءة الرعاية.
- التعليم المستمر: إدماج التكنولوجيا في برامج التدريب.
التعليم والتوعية المجتمعية
- إطلاق حملات توعية عبر الوسائط المتعددة ومنصات التواصل.
- إدراج مفاهيم الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في المناهج التعليمية لجميع المراحل.
البحث العلمي
- دعم البحوث والنشر في مجال الصحة النفسية وبناء نظام وطني للمعلومات البحثية.
الإعاقة والدمج
- تأهيل ودعم ذوي الإعاقة الجسدية أو النفسية ودمجهم في المجتمع، وبناء شراكات مع الجهات المختصة وتفعيل المسؤولية المجتمعية.
أقسام الإيواء للحالات الطارئة
- تنصيب وتعزيز دور أقسام إيواء للصحة النفسية في المستشفيات والمستوصفات الحكومية.
ربط التعليم بالتطبيق
- ربط أحدث التطورات الأكاديمية والبحثية بالمناهج التعليمية (الأساسي والعالي).
- دمج دور الأخصائي الاجتماعي في خدمات الصحة النفسية.
- تحديث وتطوير اختصاصي الطب النفسي وتمريض الصحة النفسية.
- تعزيز دور التعليم والإعلام في بث أحدث التطورات وإصلاح الخطاب المجتمعي حول الصحة النفسية.
أثر سياسة الصحة النفسية وتداعياتها المستقبلية
- التأكيد على أن الصحة النفسية أولوية للصحة العامة وضرورة لحقوق الإنسان، وإلزام الجهات المسؤولة بالإشراف والإدارة والمتابعة وإصلاح التشريعات والممارسات، مع مراعاة الخصوصية الثقافية والدينية للمجتمع الليبي، وبما ينسجم مع ما تقدمه المنظمات الدولية (مثل منظمة الصحة العالمية والمفوضية السامية لحقوق الإنسان)، ولا سيما اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة (CRPD) التي تدعو إلى التحول من النهج الطبي‑البيولوجي إلى نموذج داعم يعزز الشخصية والاستقلالية والإدماج المجتمعي.
- ضمان تقديم نظم وخدمات وبرامج رعاية عالية الجودة وداعمة للجميع.
- العمل على تجاوز التحديات المرتبطة بالتشريعات الحالية.
- تحديد المبادئ والقضايا الرئيسية التي يجب أن تتضمنها التشريعات مع أمثلة لأحكام قائمة على الحقوق.
- تقديم توجيهات لتطوير وتنفيذ وتقييم التشريعات ذات الصلة.
- تعزيز ارتباط الصحة النفسية والرفاه بالبيئات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتعليمية.
- تحديث الأنظمة التي تركز على التشخيص الدوائي فقط بالتركيز أيضًا على المحددات الاجتماعية للصحة النفسية.
- تغيير التصورات السائدة التي تصف الظروف النفسية والاجتماعية بأنها «خطيرة»، وتعزيز التعامل العملي والبنّاء ومكافحة الوصمة.
- التأكيد على أن العمل التشريعي في الصحة النفسية شاغلٌ أساسي من شواغل حقوق الإنسان، وأن حقوق الأشخاص ذوي التجارب النفسية والاجتماعية مساويةٌ لحقوق غيرهم.
- تطوير لوائح تنظيمية لضمان المساءلة وأخلاقيات المهنة.
- تشجيع مشاركة ذوي الخبرة الحياتية (بما في ذلك تجارب الصدمة بين الأجيال) في تشكيل السياسات والقانون واستخدام خبراتهم في مسارات التعافي.
توصيات السياسة
- العدالة وعدم التمييز: أحكام وطنية صريحة تدعم مبادئ العدالة الاجتماعية وعدم التمييز وضمان حق الوصول إلى أفضل خدمات الصحة النفسية.
- الشخصية والأهلية القانونية: الاعتراف بالأهلية القانونية لمستخدمي خدمات الصحة النفسية وتقديم الدعم المناسب عند الحاجة.
- الوصول إلى خدمات عالية الجودة: إزالة الحواجز أمام الحصول على خدمات ودعم فعّالين.
- إصلاحات قطاعية متعددة: أحكام تُعنى بتقاطع الصحة مع قطاعات التعليم والقضاء والعمل والحماية الاجتماعية.
- تشريعات قائمة على الحقوق: تطوير وتنفيذ وتقييم الأطر التشريعية وفق نهج قائم على حقوق الإنسان.
المراجع
- OHCHR – Mental Health, Human Rights and Legislation (Guidance and Practice).
- Draft for Mental Health Strategy – Libya (launched 2024).
- WHO & UN: Mental health, human rights, and legislation: guidance and practice, 2023 (Licence: CC BY‑NC‑SA 3.0 IGO).
- OHCHR – Convention on the Rights of Persons with Disabilities (CRPD).
- ESCWA – Convention on the Rights of Persons with Disabilities in the Arab Region.
- WHO – Guidance to end human rights violations in mental health care.
- Selected UN documents and Special Rapporteur statements relevant to the right to the highest attainable standard of mental health.
- WHO MiNDbank – national mental health policies and legislation (selected resources).
تنبيه تحريري: راجِع الروابط المضمّنة في النسخة النهائية وتحديث أرقام الإصدارات/التواريخ إن لزم.

